إدارة أزمة کوفيد19 في الجامعات المصرية: نقص لوجستي أم فشل إستراتيجي ؟!

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية التربية، جامعة قناة السويس

المستخلص

 
الأزمات جزء من حياة البشر  - اتساعا وعمقا ، شدة وصعوبة، شئنا أم أبينا – وغض الطرف عنها يزيدها تعقيدا وتأثيرا سلبيا. فلا وقت فيها للمجاملات، أو الانتقام من أحد أو إلقاء اللوم على الذات أو الآخرين ولا التقليل من شأن المبادرات الفردية، بل هي أوقات استثارة أفضل وأحسن ما لدى المعنيين بالأزمة، وإيقاظ ما لديهم من قدرات وإمکانات عقلية وفکرية و مهارات عملية من أجل مواجهة التحديات وتشارک دراستها بين القيادات ومن دونهم سلطة ومسئولية. فإذا کانت الفرص العظيمة تخلق من رحم المعاناة، فالأزمات تظهر قوة القيادة الحقة وحکمة التوجيه وشجاعة ودقة اتخاذ القرار في حسن استغلال المتاح أولا قبل البدء في إيجاد البدائل. فليس فقط أن يکون العمل في ألا تکون الأوضاع للأسوأ، بل تحديا جديدا لإيجاد وتقديم الأفضل والأنجح والأنجع، کما لا يمکن التعويل على نجاحات الأمس أو إخفاقاته في ظروف اليوم المغايرة لظروف الأمس.
وللتعامل مع أي أزمة – أيا کان نوعها وشدة تأثيرها في محيطها و سياقها أو سياقات أخرى، فلا بد من الاستعداد لها- إما في أوقات توقعها أو عند حدوثها المفاجئ – بما يعرف باللوجستيات Logistics، فهي الخط الفاصل بين النظام واللا نظام، والتأثير واللا تأثير، والنجاح أو الفشل. فکما يقال أن وراء کل قائد ناجح – بجانب عوامل أخرى- لوجستيات معينة ذات دفع أمامي، فيها من الرؤى الواقعية والاستراتيجيات المحددة والمدروسة والمرنة لتحقيقها. ويحدثنا التاريخ أنه ما نجحت ثورة، أو اکتسبت حرب، أو ووجهت أزمة، أو حلت مشکلة عويصة إلا باللوجستيات، ولم تتحقق نجاحات حقيقية أو تفادي إحباطات مستقبلية محتملة إلا بها، وتبقى اللوجستيات هي الوقود النشط للانطلاق نحو الأفضل. وليس بالضرورة توافر کل اللوجستيات بدعمها المادي والتقني والفکري والاستراتيجي بحدها الأقصى، فيکفي أولا حسن استغلال وإدارة المتاح والبداية به للتصرف مع تبعات الأزمة حتى يجد جديد في أشکال الدعم و فاعليته. فلو کان الانتظار لتمام وجاهزية اللوجستيات، کان الفشل سيد الموقف!!!
والفشل لا يمکن تفاديه Failure is inevitable. ، والخوف من حدوثه فشل في حد ذاته، کما أنه ليس نهاية العالم في شيء. ولکنه يمثل فرصة لمراجعة الذات والاستفادة من سلبيات الماضي نحو الانطلاق من جديد إلى النجاح. فالطريق للنجاح – حتما – يمر بالفشل في بعض أو کل محطاته. ولا النيات وحدها تصنع النجاح، ولا التمنيات تقدم الحلول للمشکلات المستعصية  Wicked problems ، ولکن الأمل المسلح بالعمل، وقبول الفشل باستراتيجيات عملية وفاعلة وشجاعة، وروح مغامرة ، ونفس ثائرة لا تعرف الانهزامية أو القلق أو الاضطراب  - کل ذلک يجعل ألم الفشل مؤقتا وفرحة النجاح لا تنقضي. وعند الفشل، نعيد اکتشاف ذواتنا وذوات الآخرين ، وإعادة اکتشاف الأشياء والعلاقات من حولنا، بل وإعادة النظر في أقوالنا وأفعالنا، قراراتنا وأحکامنا، نقاط انطلاقنا ووجودنا وتحيزاتنا، أسباب معاناتنا، بل کل ما يقع في حيز تفکيرنا الجواني غير المعلن للآخرين.
وإذا کانت الأزمات لا بد لها من مواجهة، وإلا تعددت جوانبها وتوسعت وتعمقت، مع لوجستيات تعيد ترتيب الأولويات لتلک المواجهة، فإن ذلک يلزم بناء استراتيجيات واضحة ومدروسة جيدا لتجنب الفشل – أو للحد من تأثيراته على الأقل، بل الأولى الوصول لأعلى مستوى ممکن من النجاح والاستعداد للانطلاق لنجاحات أخرى. 
وبإسقاط هذه الرؤية على ما قامت به الجامعات المصرية في ظل جائحة کوفيد19 COVID 19، نجد أن إدارة هذه الأزمة لم يکن مردها إلى النقص اللوجستي بقدر ماهو فشل استراتيجي. وفي ضوء ما استعرضناه، فإن الورقة البحثية الحالية ستقع في ثلاثة محاور رئيسية متبوعة بالخلاصة: بعض المنطلقات الفکرية للدراسة، جوانب دراسة أزمة کوفيد19 في السياق الجامعي، واقع أزمة کوفيد19 في الجامعات المصرية.
 

الكلمات الرئيسية